الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وقال قوم سقيته ماء بغير ألف ودليله قوله وسقاهم ربهم شرابا طهورا وأسقيته بالألف سألت الله أن يسقيه وقال آخرون ما كان مرة واحدة فهو بغير ألف وما كان دائما فهو بالألف قوله تعالى: {يوم ظعنكم} يقرأ بتحريك العين وإسكانها فالحجة لمن حرك العين فلأنها من حروف الحلق والحجة لمن أسكن أنه أراد المصدر ومثله طعنته بالرمح طعنا قوله تعالى: {ولنجزين الذين صبروا} يقرأ بالياء والنون فالحجة لمن قرأه بالياء أنه رده على قوله ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين والحجة لمن قرأه بالنون أنه أراد أن يأتي بأول الكلام محمولا على آخره فوافق بين قوله تعالى: {ولنجزين} وقوله فلنحيينه ولنجزينهم قوله تعالى: {يلحدون إليه أعجمي} يقرأ بضم الياء وفتحها وقد ذكرت علته فيما سلف قوله تعالى: {من بعد ما فتنوا} يقرأ بفتح التاء وبضم الفاء وكسر التاء فالحجة لمن فتح أنه جعل الفعل لهم والحجة لمن ضم الفاء أنه دل بذلك على بناء ما لم يسم فاعله ومعناه أن عمار بن ياسر وجماعة من أهل مكة أرادهم كفار قريش على الكفر وأكرهوهم فقالوا بألسنتهم وقلوبهم مطمئنة بالإيمان ثم هاجروا إلى المدينة فأخبر الله عن وجل عنهم بما كان من إضمارهم ومن إظهارهم والحجة لمن جعل الفعل لهم أن ذلك كان منهم قبل الإسلام فمحا الإسلام ما قبله قوله تعالى: {ولا تك في ضيق} يقرأ بفتح الضاد وكسرها وقد ذكرت حجته آنفا وقلنا فيه ما قاله أهل اللغة والاختيار ها هنا الفتح لأن الضيق بالكسر في الموضع والضيق بالفتح في المعيشة والذي يراد به ها هنا ضيق المعيشة لا ضيق المنزل. اهـ.
وحجتهم قوله: {وسخر لكم الشمس والقمر} وكما حمل ها هنا على التسخير كذلك في الأخرى وكذلك النجوم في قوله: {وهو الذي جعل لكم النجوم}.{والذين يدعون دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون}.قرأ عاصم: {والذين يدعون من دون الله} بالياء إخبارا عن المشركين وقرأ الباقون: {والذين تدعون من دون الله} وحجتهم ما تقدم وماتأخر فما تقدم: {وإن تعدوا نعمة الله} 18 وما تأخر: {إلهكم إله واحد}.{أين شركائي الذين كنتم تشقون فيهم}.قرأ نافع: {تشاقون فيهم} بكسر النون أراد تشاقونني أي تعادونني فحذف إحدى النونين استثقالا للجمع بينهما وحذف الياء اجتزاء بالكسرة.وقرأ الباقون: {تشاقون} بفتح النون لا يجعلونه مضافا إلى النفس والنون في هذ القراءة علامة الرفع والنون مع الياء المحذوفة في قراءة نافع في موضع النصب.{الذين تتوفهم الملئكة ظالمي أنفسهم}.قرأ حمزة: {الذين يتوفاهم الملائكة} بالياء وكذلك الذي بعده وقرأ الباقون بالتاء.اعلم أن فعل الجميع إذا تقدم يذكر ويؤنث فإن ذكرته أردت جمع الملائكة وإذا أنثته أردت جماعة الملائكة وحجة التاء قوله تعالى: {وإذ قالت الملائكة} {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملئكة} 33.قرأ حمزة والكسائي: {إلا ان يأتيهم الملائكة} بالياء وقرأ الباقون بالتاء قد تقدم القول في هذا ونحوه.{إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل} 37 قرأ حمزة وعاصم والكسائي: {فإن الله لا يهدي} بفتح الياء وكسر الدال قال الكسائي فيه وجهان أن الله إذا كتب عبدا شقيا فإنه لا يهديه كقوله: {والله لا يهدي القوم الظالمين} وكان مجاهد رحمه الله يقول أربعة أشياء لا تغير: الشقاء والسعادة والحياة والموت والوجه الآخر أن الله جل وعز من يضل لا يهدي أي لا يهتدي والعرب تقول هداه الله فهدى واهتدى لغتان بمعنى واحد ف من في موضع رفع على هذا الوجه وعلى القول الأول نصب وقرأ الباقون: {فإن الله لا يهدى} بضم الياء وفتح الدال على ما لم يسم فاعله أي من أضله الله لا يهديه أحد عن عكرمة عن ابن عباس قال قيل له فإن الله لا يهدي من يضل قال من أضله الله لا يهدى وحجتهم قراءة أبي: {لا هادي لمن أضله الله} مثل لا يهان من أكرمه الله ومن في موضع رفع لأنه لم يسم فاعله.{أن نقول له كن فيكون} 40 قرأ ابن عامر والكسائي: {أن نقول له كن فيكون} بالنصب وقرأ الباقون بالرفع فالنصب على ضربين أحدهما أن يكون قوله {فيكون} عطفا على أن يقول المعنى أن يقول فيكون والوجه الثاني أن يكون نصبا على جواب كن والرفع على فهو يكون على معنى ما أراد الله فهو يكون.{وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم} 43 قرأ حفص: {إلا رجالا نوحي} بالنون وكسر الحاء إخبار الله عن نفسه وحجته ما تقدم وهو قوله: {وما أرسلنا} وفي التنزيل: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح} وقرأ الباقون: {يوحى} بضم الياء على ما لم يسم فاعله وحجتهم قوله: {وأوحي إلى نوح} و{قل أوحي إلي} {أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم} {أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيؤا ظلله عن اليمين والشمائل} 47 و48 قرأ حمزة والكسائي: {أو لم تروا إلى ما خلق الله} بالتاء على الخطاب وحجتهما قوله قبلها: {فإن ربكم لرؤوف رحيم ألم تروا} وقرأ الباقون بالياء إخبارا عن غيب وتوبيخا لهم وحجتهم قوله قبلها: {أو يأخذهم على تخوف} قرأ أبو عمرو {تتفيأ ظلاله} بالتاء وحجته أن كل جمع خالف الآدمين فهو مؤنث تقول هذه المساجد وهذه الظلال وقرأ الباقون: {يتفيأ} وحجتهم أن الفعل إذا تقدم جاز التذكير منه.{لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون} 62 قرأ نافع: {وأنهم مفرطون} بكسر الراء أي مسرفون مكثرون من المعاصي كما تقول أفرط فلان في كذا إذا تجاوز الحد وأسرف وقرأ الباقون: {مفرطون} بفتح الراء أي متروكون في النار منسيون فيها كذا قال ابن عباس وقال ابن جبير مبعدون وعن أبي عمرو معجلون مقدمون في العذاب.{وإن لكم في الأنعم لعبرة نسقيكم مما في بطونه} 66 قرأ نافع وابن عامر وأبو بكر: {وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم} بفتح النون وقرأ الباقون بالرفع قال الخليل سقيته كقولك ناولته فشرب وأسقيته جعلت له سقيا وقال الفراء العرب تقول كل ما كان من بطون الأنعام ومن ماء السماء أو نهر أسقيت وفي الفرقان: {ونسقيه مما خلقنا أنعاما} وتقول سقيته إذا ناولته ماء يشربه لا يقولون غيره قال الله تعالى {وسقاهم ربهم} فمن قرأ بالرفع فإنه يريد أنا جعلنا في كثرته وإدامته كالسقيا كقولك أسقيته نهرا قال الله تعالى {وأسقيناكم ماء فراتا} أي جعلناه سقيا لكم وأما من فتح النون فإنه لما كان للشفة فتح النون وقال آخرون سقى وأسقى لغتان قال الشاعر: {اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون} 68 قرأ ابن عامر وأبو بكر: {يعرشون} بضم الراء وقرأ الباقون بالكسر وهما لغتان يقال عرش يعرش ويعرش.{أفبنعمة الله يجحدون} 71 قرأ أبو بكر: {أفبنعمة الله تجحدون} بالتاء أي قل لهم يا محمد أفبنعمة الله أي بهذه الأشياء التي ذكرها تجحدون وحجته قوله أول الآية: {والله فضل بعضكم على بعض} وقرأ الباقون: {يجحدون} بالياء الله وبخهم على جحودهم ويقوي الياء قوله تعالى بعدها: {وبنعمة الله هم يكفرون} 72 {ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء} 79 قرأ ابن عامر وحمزة: {ألم تروا إلى الطير} بالتاء على الخطاب وحجتهما أن المخاطبة لاصقة بقوله قبلها: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا} {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون} 78 فكذلك {ألم تروا إلى الطير} وقرأ الباقون: {ألم يروا} بالياء وكان أبو عمرو يرد الياء إلى قوله قبل آيات: {ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا} 72 ألم ير هؤلاء إلى تسخير الطير.{وجعل لكم من جلود الأنعم بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم} 80 قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو {يوم ظعنكم} بفتح العين وقرأ الباقون ساكنة العين وهما لغتان مثل النهر والنهر تقول ظعن وظعنا وحجة الإسكان في قوله: {سرا وجهرا} والهاء أحق أن تفتح لخفائها فلما كانوا قد أجمعوا على إسكانها ردوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه.{ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم} 96 قرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر: {ولنجزين} بالنون أخبر جل وعز عن نفسه وحجتهم إجماعهم على قوله في الآية بعدها: {ولنجزينهم} بالنون وقرأ الباقون: {وليجزين} بالياء إخبارا عن الله جل وعز وحجتهم ذكر الله قبله وهو قوله: {وما عند الله باق وليجزين} فإذا عطفت الآية على مثلها كان أحسن من أن تقطع مما قبلها.{لسان الذي يلحدون إليه أعجمي} 103 قرأ حمزة والكسائي: {لسان الذي يلحدون} بفتح الياء والحاء من لحد يلحد إذا مال وقرأ الباقون: {يلحدون} بضم الياء يقال ألحد يلحد إلحادا وحجتهم قوله: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال الكسائي: إن كل واحد من لحدت وألحدت يأتي بمعنى غير معنى الآخر وذلك أن ألحد يلحد معناه اعترض وأن لحد يلحد معناه مال وعدل فلما ولي ألحد ما يلي الاعتراض الذي هو بمعناه قرأ بألف فقال: {وذر الذين يلحدون في أسمائه} {وإن الذين يلحدون في آياتنا} بمعنى يعترضون في آياتنا إذ كان من عادة في أن تصحب الاعتراض الذي بمعنى الإلحاد فلما ولي الفعل ما ليس من عادة الاعتراض أن يليه وهو إلى دل على أن معناه غير معنى الاعتراض وأنه بمعنى الميل فقرأه {يلحدون} بفتح الياء إذ كانت بمعنى يميلون فحسن ذلك وكان ذلك مشهورا من كلام العرب لحد فلان إلى كذا إذا مال إليه.{ثم إن ربك للذين هاجروا من بعدما فتنوا} 110 قرأ ابن عامر: {من بعد ما فتنوا} بفتح الفاء والتاء جعل الفعل لهم يقال فتنت الشيء إذا امتحنته وفتنت الذهب إذا امتحنته فعرفت جيده من رديئه فمعنى القراءة أنهم هجروا أوطانهم وقد عرفوا ما في ذلك من الشدة وقرأ الباقون: {فتنوا} بضم الفاء على ما لم يسم فاعله أي من بعدما فتنهم الله وحجتهم {فإنا قد فتنا قومك من بعدك}.{ولا تك في ضيق مما يمكرون} 127 قرأ ابن كثير: {ولا تك في ضيق} بكسر الضاد وفي النمل مثله وقرأ الباقون بالفتح قال أبو عبيد ضيق تخفيف ضيق يقال أمر ضيق وضيق والأصل ضييق فيعل ثم حذفوا الياء فصار ضيق على وزن فيل مثل هين وهين قال الأخفش الضيق والضيق لغتان وقال أبو عمرو الضيق بالفتح الغم والضيق بالكسر الشدة قوم الضيق بالفتح مصدر والضيق اسم ووزنه على هذا القول فعل لم يحذف منه شيء. اهـ.
|